المرأة المنتجة ودعمنا الرمضاني المنتظر

من طرف **منار** الثلاثاء يونيو 10, 2014 4:01 pm

وليد السليم
استرعى انتباهي في أحد مواقع التواصل الاجتماعي ما عرضته امرأة من الرياض وهي تسوق لإفطار صباحي تقوم بإعداده بشكل احترافي ويشتمل على مكونات الفطور الصحية والمتكاملة غذائياً، ومن خلال الصور الترويجية لهذا المنتج المحلي لاحظت مستوى متقدماً من الذوق في الإعداد والتزيين والتغليف، وبالمناسبة فإن هذا الفطور يمكن طلبه عن طريق برنامج الواتس آب عبر جوال معلن، ويمكن كذلك توصيل الطلبات إلى الزبائن في نطاق المدينة في الوقت المناسب، كما يمكن مفاجأة قريب أو صديق بإهدائه هدية غير تقليدية عندما يصله هذا الصندوق الرائع الذي أشبه ما يكون بصندوق الهدايا الذي يهدى في المناسبات الاحتفالية، وبشرط التنسيق المسبق يتم توفير هذه الوجبة الصباحية لطلبات الأعداد الكبيرة، ورغم أن الوجبة الواحدة التي تكفي لشخصين سعرها في حدود المائة والخمسين ريالاً مع التوصيل، فإنني أجد أن الشكل والمحتوى أجمل بكثير وحتماً سيكون أطيب نكهة وأكثر نظافة مما تعرضه المطاعم وفنادق الخمسة نجوم في بوفيهاتها المفتوحة.
الجميل في ظاهرة الأسر المنتجة في مجتمعنا أنها حطمت ثقافة العيب وأزالت أكذوبة الخجل الوهمي من قاموس هذه الأسر التي اعتمدت على نفسها في توفير لقمة العيش الكريمة عن طريق هذه الأعمال الشريفة
المنتج وإن كان متميزاً وذا جودة عالية إلا أنه لن يجد الإقبال المطلوب دون أن يسبقه ويتزامن معه ويتبعه تسويق بطريقة علمية وذكية، وهذان العاملان توفرا بشكل واضح في التجربة الناجحة الفائتة لهذه المرأة المنتجة. ولا شك أن ازدياد الأسر المنتجة في مجتمعنا أمر إيجابي ويستحق الدعم والتشجيع والتحفيز، ولطالما اعتمدت الكثير من الأسر على المطاعم التي -للأسف الشديد- لم نجد من أكثرها إلا قلة النظافة وسوء الخدمة وضعف المستوى في الإعداد والتقديم للوجبات، واعتمادها على أرخص المواد وأقلها جودة، هذا التوجه التجاري البحت لدى هذه المطاعم سبب كثيراً من النزلات المعوية والتسمم الغذائي لدى المستهلكين، الأمر الذي أدى إلى عزوف شديد عنها إلا في الحد الأدنى والضرورة القصوى.
الجميل في ظاهرة الأسر المنتجة في مجتمعنا أنها حطمت ثقافة العيب وأزالت أكذوبة الخجل الوهمي من قاموس هذه الأسر التي اعتمدت على نفسها في توفير لقمة العيش الكريمة عن طريق هذه الأعمال الشريفة. ولقد تذوقت أصنافاً عديدة مما تعده الأسر المنتجة، فوجدتها رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولا توجد مقارنة ألبتة بينها وبين ما يباع تجاريا في الأسواق، ويكفي اطمئنان الشخص من أن ما يتناوله من إعداد هذه الأسر مضمون صحياً ومميزا غذائياً.
واللافت أن النساء العاملات في بيوتهن يسايرن أحدث المأكولات والوصفات العالمية ويقمن بطهي جميع الطلبات بلا استثناء بشكل يدعو للإعجاب والثناء.
والتطور الجميل لدى الأسر المنتجة وصل إلى إعداد البوفيهات المفتوحة، فقد وصلتني رسالة قبل فترة تتضمن عرضاً لإحدى الأسر المنتجة تصاحبه صور وقائمة طعام متنوعة وراقية تبدي فيه استعدادها لإعداد الولائم مع تحديد السعر لكل قائمة طعام، ويبدو من خلال الصور أن هذه الأسرة وصلت إلى مرحلة متقدمة في التسويق والإعداد والتنفيذ المتقن مع العناية الفائقة بأدق التفاصيل.
وتجربة جميلة أخرى ومدهشة عند منتجة أخرى ينطلق عملها من هواية وموهبة في الطبخ، تميزت بعمل صحون التقديم للمناسبات من المعجنات والمخبوزات والحلويات والمقليات والمقبلات الباردة والحارة في مستوى متميز جداً.
في القرية الشعبية في الأحساء هناك مقهى شعبي عائلي في الهواء الطلق، وفيه جلسات خشبية تراثية، في جانب هذه الجلسات تعرض العديد من النساء منتجاتهن من المأكولات، بعضها مأكولات شعبية قديمة مثل الهريس والجريش والمرقوق وبعضها مأكولات حديثة، هؤلاء النسوة يأتين مساءً ويتزامن وجودهن مع مجيء العائلات الذين يقبلون على الشراء من هذه المنتجات الطيبة المذاق، وكم سرني حين رأيت هذا الإقبال من العائلات على دعم هذه الأسر بالشراء والإشادة. وإن كنت أدعو إلى دعم هذه الأسر المنتجة طوال العام فما أجمل أن نضاعف الدعم لهم في رمضان، وبالمناسبة فنحن حين ندعم هذه الأسر فليس ذلك من باب العطف والشفقة، بل هو في الحقيقة تعزيز لظاهرة إيجابية في مجتمعنا، واستفادة لنا ولأسرنا بتخفيف العبء والجهد والحصول على وجبات نوعية يندر تذوق مثلها في أرقى المطاعم.
ولكون الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فجربوا وأضمن لكم مسبقاً الخروج بالرضا التام.